يؤوب ، وأنّ (إدريس) من الدّرس في أشباه لذلك (١) ، وغلطوا في ذلك ؛ لأنّ هذه ألفاظ معبرة وافقت ألفاظ العربية (٢) ، وكان أبو بكر بن السّراج (٣) يمثل ذلك على جهة التّبعيد لمن يقول : أنّ الطّير ولد الحوت ، وغلطوا أيضا في أنّه لا نظير له في أسماء العرب ، والعرب تقول : إزميل اسم للشفرة (٤) : قال الشاعر (٥) :
هم منعوا الشّيخ المنافى بعدما |
|
رأى حمّة الإزميل فوق البراجم |
وقالوا : إحريض (٦) للطّلع ، وإخريط لصبغ أحمر ، ويقال : هو العصفر. قال الراجز :
ملتهب تلهّب الإحريض (٧)
وقالوا : سيف إصليت : ماض ، كثير الماء (٨) ..." (٩).
٤ ـ المحكم والمتشابه : لقد بين المؤلف موقفه من المحكم والمتشابه عند تناوله لقوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ) [آل عمران : ٧] ، قال المجاشعي : " فيه خلاف ، قيل : المحكم : النّاسخ ، والمتشابه : المنسوخ. وهذا قول ابن عباس وقتادة (١٠).
وقال مجاهد (١١) : المحكم : ما لم تشتبه معانيه ، والمتشابه : ما اشتبهت معانيه ، نحو : (وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ) [البقرة : ٢٦] ، (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً) [محمد : ١٧].
__________________
(١) زاد المسير : ٢ / ٢٢٢ ، والجامع لأحكام القرآن : ١١ / ١١٧.
(٢) في رأيه هذا موافق لابن جني الذي غلّطهم في كتابة المنصف : ١ / ١٢٨.
(٣) ينظر الأصول : ٢ / ٩٤ ـ ٩٥. وهو : محمد بن السري ، والنّحوي ، أحد العلماء المشهورين باللغة والنّحو والأدب ، أخذ عن المبرد. (ت ٣١٦ ه) ينظر ترجمته في : طبقات النحويين واللغويين : ١١٢ ـ ١١٤ ، والبلغة : ٢٢٢ ـ ٢٢٣ ، والمدارس النحوية : ١٤٠ ـ ١٤٤.
(٤) ينظر إعراب القرآن لأبي طاهر : ٢٣٨ ، واللسان : ١١ / ٣١١ (زمل).
(٥) البيت لشيبان بن جابر السلمي ، كما في كتاب المنمق : ٦٩ ، وبلا نسبه في التبيان في تفسير القرآن : ١ / ١٥٤.
(٦) في الأصل : إعريض. وهو تحريف. ينظر الصحاح : ٣ / ١٠٧١ (حرض) ، واللسان : ٧ / ١٣٥ (حرض).
(٧) لم أقف على قائله ، وهو من شواهد الجوهري في الصحاح : ٣ / ١٠٧١ (حرض) وابن دريد في جمهرة اللغة : ٢ / ١٣٥. وتمامة : (يزجي خراطيم غمام بيض).
(٨) ينظر الصحاح : ١ / ٢٥٦ (صلت).
(٩) النكت في القرآن : ٤٧ ـ ٤٨.
(١٠) ينظر نواسخ القرآن : ١ / ١٩ ، والإتقان : ٢ / ٦.
(١١) ينظر التبيان في تفسير القرآن : ٢ / ٣٩٥ ، ومجمع البيان : ٢ / ٢٣٩ ، وزاد المسير : ١ / ٣٠٠.