ففي النوع الأول نجد أنّ الصحابة نقلوا عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم ثمّ قام التابعون بالنقل عن الصحابة. ومن التابعين من تلقى جميع التفسير عن الصحابة ، كما قال مجاهد : عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات ، من فاتحته إلى خاتمته ، أوقفه عند كلّ آية وأسأله عنها (١).
وقال ابن تيمية : وأمّا التفسير فأعلم النّاس به أهل مكة ؛ لأنهم أصحاب ابن عباس كمجاهد وعطاء ابن أبي رباح وعكرمة مولى ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، وطاووس وغيرهم.
وقد اختلف العلماء في الأخذ بأقوال التابعين إذا لم يؤثر في ذلك شيء عن الرسول صلىاللهعليهوسلم ، أو عن الصحابة ، فنقل عن الإمام أحمد روايتان في ذلك : رواية بالقبول ، ورواية بعدم القبول.
ـ وذهب أكثر المفسرين : إلى أنّه يؤخذ بقول التابعين في التفسير ؛ لأنّ التابعين تلقوا غالب تفسيراتهم عن الصحابة.
ـ وفي هذه المرحلة من مراحل التفسير نجد أنّه قد دخل في التفسير كثير من الإسرائيليات والنصرانيات ، وذلك لكثرة من دخل من أهل الكتاب في الإسلام ، وكان عالقا بأذهانهم من الأخبار ما لا يتصل بالأحكام الشرعية ، كأخبار بدء الخليقة ، وأسرار الوجود. وتساهل بعض التابعين في قبول الإسرائيليات بدون تحر ونقد.
وأكثر من روي عنه في ذلك من مسلمي أهل الكتاب : عبد الله بن سلام ، وكعب الأحبار ، ووهب بن منبه (٢).
ثم بعد التابعين اتّسع العلم ، وانفصل علم القرآن عن الحديث ، ووضع التفسير لكل آية من القرآن ، ورتّب ذلك على حسب ترتيب المصحف.
__________________
(١) راجع تفسير الطبري ١ / ٩٠ ؛ ومقدمة في أصول التفسير لابن تيمية ص ٣٧.
(٢) راجع التفسير والمفسرون ١ / ١٣٠.