والكفل : النصيب ، والمقيت : الحفيظ المقتدر. أقاته : يقيته.
(فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ). (٨٨)
أي مختلفين فيهم ؛ طائفة تقول : هم منا. وطائفة تقول : ليسوا منا (١). وانتصاب «فئتين» على الحال كما تقول : ما لك قائما في حال القيام ، وبعضهم ينصبه على معنى خبر كان ، كأنه قال : كم لبثت قائما.
(أَرْكَسَهُمْ). وركسهم : ردّهم ونكسهم (٢).
(إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ). (٩٠)
أي : يدخلون في قوم أمنتموهم ، نزلت في بني مدلج (٣) كان بينهم وبين قريش عهد ، فحرم الله من بني مدلج ما حرّم من قريش.
__________________
(١) أخرج البخاري ومسلم وأحمد وغيرهم عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم خرج إلى أحد فرجع ناس خرجوا معه ، فكان أصحاب رسول الله فيهم فرقتين. فرقة تقول : نقتلهم ، وفرقة تقول : لا. فأنزل الله تعالى (فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ) الآية كلها ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنها طيبة ، وإنها تنفي الخبث كما تنفي النار خبث الحديد. انظر فتح الباري ٨ / ٢٥٦ ، والمسند ٥ / ١٨٤.
(٢) أخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أنّ نافع بن الأزرق سأله عن قوله : (أَرْكَسَهُمْ) ، قال : حبسهم في جهنم بما عملوا ، قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم ، أما سمعت قول أمية بن أبي الصلت في شعره :
أركسوا في جهنم إنهم كانوا عتاة |
|
يقولون مينا وكذبا وزورا |
(٣) أخرج ابن أبي شيبة وأبو نعيم عن الحسن أن سراقة بن مالك المدلجي حدثهم قال : لما ظهر النبي صلىاللهعليهوسلم على أهل بدر وأحد ، وأسلم من حولهم قال سراقة : بلغني أنه يريد أن يبعث خالد بن الوليد إلى قومي بني مدلج فأتيته فقلت : أنشدك النعمة ، فقالوا : مه. فقال : دعوه ، ما تريد؟ قلت : بلغني أنك تريد أن تبعث إلى قومي وأنا أريد أن توادعهم ، فإن أسلم قومك أسلموا ودخلوا في الإسلام ، وإن لم يسلموا لم تخش لقلوب قومك عليهم. فأخذ رسول الله بيد خالد فقال : اذهب معه فافعل ما يريد ، فصالحهم خالد على ألا يعينوا على رسول الله ، وإن أسلمت قريش أسلموا معهم ، ومن وصل إليهم من الناس كانوا على مثل عهدهم. فأنزل الله : (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) حتى بلغ : (إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ) فكان من وصل إليهم كانوا معهم على عهدهم. انظر الدر المنثور ٢ / ٦١٣.