النجاشي والبحيرا (١) وأمثالهما ، القائلون في «عيسى» بالحق.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ). (٦٩)
رفع «الصابئون» على تقدير التأخير ، كأنه : ولا هم يحزنون والصابئون كذلك ، كما قال بشر بن أبي خازم :
٣٣٨ ـ وإلا فاعلموا أنّا وأنتم |
|
بغاة ما بقينا في شقاق (٢) |
أي : إنّا بغاة ما بقينا في شقاق ، وأنتم كذلك ، ولو كان (أنتم) عطفا على الضمير لكان منصوبا وكان «إياكم».
وقال الكسائي : هو عطف على ضمير «هادوا» ، أي : والذين هادواهم والصابئون.
وقال الفراء : إنما ارتفع بضعف عمل إنّ ، لا سيما وهو عطف على المضمر الذي لا يظهر فيه الإعراب (٣). يعني بالأول أنّ قولك : إنّ زيدا قائم ثمّ لا يتضمن معنى زائدا ، بخلاف ليت ولعلّ.
وبالثاني : إن العطف على الضمير غير مطرد حتى لا يجري في الضمير المجرور ، نحو مررت به وزيد.
__________________
(١) ويقال : اسمه أبرهة وهو أحد الثمانية الذين قدموا مع جعفر بن أبي طالب من الحبشة. راجع الإصابة ١ / ١٧. وقال القرطبي : (مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ) وهم المؤمنون منهم كالنجاشي وسلمان وعبد الله بن سلام ، اقتصدوا فلم يقولوا في عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسّلام إلا ما يليق بهما.
(٢) البيت لبشر من قصيدة يهجو بها أوس بن حارثة ، والبيت من شواهد سيبويه ١ / ٢٩٠ ؛ وشرح الأبيات لابن السيرافي ١ / ١٤ ؛ وإعراب القرآن للنحاس ١ / ٥٠٩ ؛ ومعاني القرآن للفراء ١ / ٣١١ ؛ وخزانة الأدب ١٠ / ٢٩٣ ؛ وتفسير القرطبي ٦ / ٢٤٦ ، وديوانه ١٦٥.
(٣) وعبارة الفراء : فإنّ رفع الصابئين على أنه عطف على الذين ، و «الذين» حرف على جهة واحدة في رفعه ونصبه وخفضه ، فلمّا كان إعرابه واحدا ، وكان نصب «إنّ» ضعيفا ـ وضعفه أنه يقع على الاسم ولا يقع على خبره ـ جاز رفع الصابئين. معاني القرآن ١ / ٣١١.