(وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ). (٧)
أي العدل.
(أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ). (٨)
في هذا الميزان يتّزن به الناس.
(وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ). (٩)
الميزان للأعمال يوم القيامة.
فتلك ثلاثة موازين ، فلا تحسبه ميزانا واحدا.
ويندفع على هذا التأويل قول الطاعن : ما معنى الجمع بين آلة الوزن والسماء؟ وأين الميزان من السماء؟ وإنما يوصل الشيء بحسبه وشبهه.
فالعدل الذي أوّلنا به الميزان شبه السماء في اللفظ ، وبه قامت السموات والأرض (١) ، وعلى أنّ هذا القائل إنما أتي من قبل نظره في
__________________
(١) قال البقاعي : ولما ذكر أولا القرآن الذي هو ميزان المعلومات ، ودلّ على رحمانيته بأنواع من البيان ، الذي رقى به الإنسان فصار أهلا للفهم ، وذكره نعمة الميزان للمحسوسات أقبل بالخطاب عليه لافتا له عن أسلوب الغيبة تنشيطا له إلى ارتقاء مراتب الكمال بحسن الامتثال معللا فقال : «أن» ، أي : لأن «لا تطغوا» أي : لا تتجاوزوا الحدود في «الميزان» أي : الأشياء الموزونة من الموزونات المعرفة والعمل المقدر أحدهما بالآخر ، وفي مساواة الظاهر والباطن ، والقول والفعل ، فالميزان الثاني عام لميزان المعلومات وميزان المحسوسات. ولما كان التقدير : فاقتدوا بأفعالي ، وتخلقوا بكل ما آمر به من أقوالي عطف قوله : (وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ) أي : جميع الأفعال التي يقاس لها الأشياء «بالقسط». ولمّا كان المراد العدل العظيم بيّنه بالتأكيد بعد الأمر بالنهي عن الضد فقال : (وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ) أي : لا توقعوا ـ في شيء من آلة العدل التي يقدر بها الأشياء من الذرع والوزن والعدل والكيل ونحوه ـ نوعا من الخسر بما دلّ عليه تجريد الفعل ، فتخسروا ميزان أعمالكم وجزائكم يوم القيامة. وقد علم بتكرير الميزان ما أريد به من التأكيد في الأمر به لما به من الضخامة ، سواء كان بمعنى واحد أو معان مختلفة. راجع نظم الدرر ١٩ / ١٤٦ ـ ١٤٧.