وفي قراءة ابن عباس : " وضعت" (١) بسكون العين وكسر التاء ، فيكون من مخاطبة الله لها ، على معنى : إنك لا تعلمين قدر هذا المولود.
(وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى) جائز أن يكون من تمام كلامها أيضا ، خارجا مخرج الاعتذار من مصادفة تحريرها أنثى ، والأنوثية مانعة من استقصاء الوفاء بما نذرته ، والقيام بما نوته.
وجائز أن يكون من تتمة التعريض بتعظيم مريم ، فتكون اللام للعهد ، التقدير : وليس الذكر الذي أردت كالانثى التي ولدت.
(وَإِنِّي سَمَّيْتُها) عطف على «وضعتها». و (مَرْيَمَ) بلغتهم : العابدة ، فسمّتها بذلك تفاؤلا بمطابقة الفعل للاسم ، ألا تراها تقول : (وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ).
قال أبو هريرة : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان حين يولد فيستهلّ (٢) صارخا من نخسة الشيطان إلا ابن مريم وأمه ، ثم قال أبو هريرة : اقرؤا إن شئتم : (وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) (٣).
ولقد عجبت من جرأة المعطلين على هذه الشريعة ، وتسميتهم المتمسكين بها
__________________
(١) مختصر ابن خالويه في شواذ القرآن (ص : ٢٠).
(٢) الاستهلال : رفع الصوت. وقد استهلّ الصبي : رفع صوته بالبكاء (القاموس المحيط ص : ١٣٨٥).
(٣) أخرجه البخاري (٤ / ١٦٥٥ ح ٤٢٧٤) ، ومسلم (٤ / ١٨٣٨ ح ٢٣٦٦) ، وأحمد (٢ / ٢٣٣ ح ٧١٨٢ ، ٢ / ٢٧٤ ح ٧٦٩٤).