(فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ) كما يقول الرجل للرجل : إن كنت أبي فتعطف عليّ ، أي : [إن كنت](١) أبي فواجب أن تتعطف عليّ ، ليس أنه يشك أنه أبوه.
وفيها وجه ثالث (٢) : أن تكون «إن» في معنى «ما» ، فيكون المعنى : ما كنت في شك مما أنزلنا إليك.
(فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ) أي : لسنا نريد أن نأمرك أن تسأل لأنك شاك ، ولكن لتزداد [بصيرة](٣) ، كما قال إبراهيم صلىاللهعليهوسلم ، قال : (أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) [البقرة : ٢٦٠] ، فالزيادة في التثبت ليست مما يبطل صحة العقد.
وقال ابن قتيبة (٤) : كان الناس على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم أصنافا ، منهم كافر مكذب ، ومؤمن مصدق ، وشاكّ في الأمر لا يدري كيف هو ، يقدّم رجلا ويؤخّر أخرى. فخاطب الله تعالى هذا الصنف من الناس فقال : إن كنت أيها الإنسان في شك مما أنزلنا إليك من الهدى على لسان محمد صلىاللهعليهوسلم فاسأل.
وقال الزمخشري (٥) : هذا بمعنى الفرض والتمثيل ، كأنه قيل : فإن وقع لك شكّ مثلا وخيّل لك الشيطان خيالا منه تقديرا ، (فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ
__________________
(١) في الأصل : فأنت. والتصويب من معاني الزجاج (٣ / ٣٣).
(٢) ذكره الزجاج (٣ / ٣٣).
(٣) زيادة من زاد المسير (٤ / ٦٣).
(٤) تأويل مشكل القرآن (ص : ٢٧٢).
(٥) الكشاف (٢ / ٣٥٢).