مِنْ قَبْلِكَ) ؛ كعبد الله بن سلام وأصحابه ، فإنهم من الرسوخ في العلم والإحاطة بصحة رسالتك وتحقيق معرفتك ، بالمنزلة التي تصلح لمن تداخله شكّ وامتراء أن يراجعهم ويستوضح ما التبس عليه من جهتهم.
(لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) أي : أتاك الحق الذي لا مرية فيه ، (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ).
(وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ) أي : دم واثبت على ما أنت عليه من انتفاء المرية عنك وانتفاء التكذيب بآيات الله.
ويجوز أن يكون على طريقة التهييج والإلهاب ، كقوله : (فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ* وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ) [القصص : ٨٦ ـ ٨٧].
وقيل : هو نهي للنبي صلىاللهعليهوسلم ، والمراد غيره.
أو : فلا تكونن أيها الإنسان أو السامع الذي يتطرق إلى مثله الامتراء والتكذيب.
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ) أي : ثبتت ووجبت عليهم كلمة ربك السابقة في اللوح المحفوظ بأنهم يموتون كفارا ، وأنهم قوم معذّبون مسخوط عليهم (لا يُؤْمِنُونَ).
(وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ) خارقة سألوك الإتيان بها (حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ) فحينئذ لا ينفعهم الإيمان الاضطراري ، كما لم ينفع فرعون إيمانه.