حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ) (١٠٣)
قوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ) أي : ولو شاء مشيئة قسر وقهر (لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً) أي : مجتمعين على الإيمان مطبقين عليه.
قال ابن عباس : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم حريصا على إيمان جميع الناس ، فأخبره الله تعالى أنه لا يؤمن إلا من سبقت له السعادة (١).
قال الأخفش (٢) : جاء بقوله : «جميعا» مع «كل» [تأكيدا](٣) ؛ كقوله : (لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ) [النحل : ٥١].
(أَفَأَنْتَ) يا محمد (تُكْرِهُ النَّاسَ) تلجئهم إلى الإيمان وتضطرهم إليه (حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) أي : لا تقدر على ذلك ولا هو في وسعك.
وزعم قوم أن هذا منسوخ بآية السيف (٤).
ولا يصح ؛ لأن المقصود من الآية : الإعلام بأنه لا يوقع في القلوب ما يضطرها إلى الإيمان إلا الله وحده ، ألا تراه يقول عقيب ذلك : (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) قال ابن عباس : بقضائه وقدره (٥).
__________________
(١) أخرجه الطبري (١١ / ١٧٣). وانظر : الوسيط (٢ / ٥٦٠) ، وزاد المسير (٤ / ٦٧).
(٢) معاني الأخفش (ص : ٢١٩). وانظر : زاد المسير (٤ / ٦٧).
(٣) في الأصل : تأكيد. والتصويب من زاد المسير ، الموضع السابق.
(٤) ذكر دعوى النسخ هنا ابن سلامة في : الناسخ والمنسوخ (ص : ١٠٤). ورد هذا ابن الجوزي في نواسخ القرآن (ص : ٣٧٣). ولم يتعرض لدعوى النسخ هنا معظم من ألّف في النسخ.
(٥) الوسيط (٢ / ٥٦٠) ، وزاد المسير (٤ / ٦٧).