ويجوز أن تكون البقية بمعنى : البقوى.
المعنى : فهلّا كان منهم ذووا بقاء على أنفسهم وصيانة لها من سخط الله عزوجل وعقابه.
وقرئ : «أولوا بقية» بوزن لقية (١) ، من بقاه يبقيه ؛ إذا راقبه وانتظره ، ومنه : «بقينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم».
والمعنى : فلو لا كان منهم أولوا مراقبة وخشية من انتقام الله عزوجل ، كأنهم ينتظرون إيقاعه بهم لإشفاقهم.
قوله تعالى : (إِلَّا قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ) استثناء منقطع ، معناه : لكن قليلا ممن أنجينا من القرون نهوا عن الفساد. و «من» في قوله : (مِمَّنْ أَنْجَيْنا) للبيان لا للتبعيض ؛ لأن الذين نهوا نجوا من العذاب ، بدليل قوله : (أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا) [الأعراف : ١٦٥].
قوله تعالى : (وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ) قال ابن فارس (٢) : التّرفة : النّعمة.
قال الفراء (٣) : تقول : اتبعوا في دنياهم ما عوّدوا من النعيم وإيثار اللذّات على أمر الآخرة.
وقرأ أبو عمرو في رواية عنه : «وأتبع» بضم الهمزة وسكون التاء وكسر
__________________
(١) البحر المحيط (٥ / ٢٧١).
(٢) معجم مقاييس اللغة (١ / ٣٤٥).
(٣) معاني الفراء (٢ / ٣١).