النفس وعوارض الوساوس ، الذي لا يسلم منه أحد من البشر ، فتفهم ذلك.
وقرأ مجاهد : كذبوا فيما حدثوا به قومهم من النصرة (١) ، على ما تأولناه من قول ابن عباس ، أو على معنى : أن قومهم إذا لم يروا لموعدهم أثرا قاله لهم إنكم قد كذبتمونا ، فيكونون كاذبين عند قومهم ، أو ظن المرسل إليهم أن الرسل قد كذبوا.
وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر والأكثرون : «كذّبوا» بالتشديد مع ضم الكاف (٢) ، فيكون الظن بمعنى : اليقين.
المعنى : وتيقنوا أن قومهم كذبوهم.
(جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ) وقرأ ابن عامر وعاصم : «فنجّي» بنون واحدة وتشديد الجيم وفتح الياء ، جعلاه فعلا ماضيا (٣) ، واختار هذه القراءة أبو عبيد ، ولعله راعى مضي القصة ومطابقة ما عطفه عليه ، وهو قوله : (وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا) ، فجاء بالمعطوف والمعطوف عليه على ما لم يسم فاعله.
والمراد ب «من نشاء» : المؤمنون ؛ لأنهم أهل النجاة ، ويدل عليه قوله : (وَلا يُرَدُّ
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٣ / ٨٨). وذكره السيوطي في الدر (٤ / ٥٩٧) وعزاه لابن جرير.
قال الطبري (١٣ / ٨٩) : وهذه القراءة لا أستجيز القراءة بها ؛ لإجماع الحجة من قراء الأمصار على خلافها ، ولو جازت القراءة بذلك لاحتمل وجها من التأويل ، وهو أحسن مما تأوله مجاهد ، وهو حتى إذا استيأس الرسل من عذاب الله قومها المكذبة بها وظنت الرسل أن قومها قد كذبوا وافتروا على الله بكفرهم بها ، ويكون الظن موجها حينئذ إلى معنى العلم على ما تأوله الحسن وقتادة.
(٢) الحجة للفارسي (٢ / ٤٥٦) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٣٦٦) ، والكشف (٢ / ١٥) ، والنشر لابن الجزري (٢ / ٢٩٦) ، وإتحاف فضلاء البشر (ص : ٢٦٨) ، والسبعة في القراءات (ص : ٣٥١).
(٣) الحجة للفارسي (٢ / ٤٥٨) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٣٦٧) ، والكشف (٢ / ١٧) ، والنشر وإتحاف فضلاء البشر ، الموضعان السابقان ، والسبعة في القراءات (ص : ٣٥٢).