الباقون بضم الكاف (١).
والمعنى : يفضل بعضها على بعض في الطّعم ، هذا حلو ، وهذا حامض ، وهذا بينهما ، وفي هذا دلالة على بطلان قول الطّبائعيين (٢) ؛ لأنه لو كان انفعال هذه الأشياء بطبع الهواء والأرض والماء لوجب أن تتفق الاتفاق الموجب ، فلما وقع الافتراق مع اتفاق الموجب دلّ على مدبّر قادر حكيم.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ) لعلامات ودلالات على قدرة الله ووحدانيته وحكمته (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) قدّم التفكّر في الآية التي قبل هذه على العقل ؛ لأن التفكر في الرتبة الأولى ، ثم ختم هذه بالعقل ؛ لأنه إذا تفكّر استثمر من تفكّره العقل وطمأنينة النفس وسكونها إلى ما دلّت عليه الآيات.
(وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٥)
قوله تعالى : (وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ) أي : إن تعجب من تكذيبهم وعبادتهم الأوثان بعد ما رأوا وعلموا من عجائب قدرة الله ، فتعجب إنكارهم البعث.
وقيل : وإن تعجب من قولهم في إنكار البعث ، فقولهم عجب حقيق بأن تعجب منه ؛ لأن من قدر على إيجاد الأشياء العجيبة واختراعها فكيف يعجز عن
__________________
(١) النشر لابن الجزري (٢ / ٢١٦) ، وإتحاف فضلاء البشر (ص : ٢٦٩ (.
(٢) أهل الطبيعة.