وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١١) وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) (١٢)
(قالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللهِ شَكٌ) استفهام في معنى الإنكار. والمعنى : أفي وحدانية الله الواضحة والدلائل شكّ؟.
(فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) بيان لوحدانيته ، (يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ) أي : يدعوكم إلى الإيمان ليغفر لكم (مِنْ ذُنُوبِكُمْ) قال أبو عبيدة (١) : «من» زائدة ؛ كقوله : (فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ) [الحاقة : ٤٧] قال أبو [ذؤيب](٢) :
جزيتك ضعف الحبّ لما شكوته |
|
وما إن جزاك الضّعف من أحد قبلي (٣) |
وقال الزمخشري (٤) : إن قلت : ما معنى التبعيض في قوله : (مِنْ ذُنُوبِكُمْ)؟
قلت : ما علمته جاء هكذا إلا في خطاب الكافرين ، كقوله : (وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ* يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) [نوح : ٣ ـ ٤] ، (يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) [الأحقاف : ٣١]. وقال في خطاب المؤمنين : (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) إلى قوله : (يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) [الصف : ١٠ ـ ١٢] وغير ذلك مما يقفك عليه الاستقراء وكان ذلك بين الخطابين ، ولئلا يسوّي بين
__________________
(١) مجاز القرآن (١ / ٣٣٦).
(٢) في الأصل : ذئب. والتصويب من مجاز القرآن ، الموضع السابق.
(٣) انظر البيت في : زاد المسير (٤ / ٣٥٠) ، وروح المعاني (٨ / ١١٦) ، واللسان (مادة : ضعف ، وفيه «الود» بدل : «الحب» ، و «استبنته» بدل «شكوته»).
(٤) الكشاف (٢ / ٥١٠).