(وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً) (٢٠)
قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) قال الزجاج (١) : فيه محذوف ، تقديره : وما أرسلنا قبلك [رسلا](٢) من المرسلين ، فحذفت «رسلا» ؛ لأن قولك : (مِنَ الْمُرْسَلِينَ) يدل عليها.
(إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ) قال الزجاج (٣) : هذا احتجاج عليهم في قولهم : (ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ) ، فقيل لهم : كذلك كان من خلا من الرسل ، فكيف يكون محمد صلىاللهعليهوسلم بدعا منهم؟.
فإن قيل : لم كسرت «إنّ» في قوله : (إِلَّا إِنَّهُمْ)؟
قلت : قد أجاب عن ذلك ابن الأنباري بجوابين :
أحدهما : أن تكون فيها واو الحال مضمرة ، فكسرت بعدها «إنّ» للاستئناف ، فيكون التقدير : إلا وإنّهم ليأكلون الطعام ، فأضمرت الواو كما أضمرت في قوله : (أَوْ هُمْ قائِلُونَ) [الأعراف : ٤] ، والتأويل : أو وهم قائلون.
والثاني : أن تكون كسرت لإضمار «من» قبلها ، فيكون التقدير : وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا من إنهم ليأكلون. قال الشاعر :
__________________
(١) معاني الزجاج (٤ / ٦٢).
(٢) في الأصل : مرسلا. والتصويب من ب ، والزجاج ، الموضع السابق.
(٣) معاني الزجاج (٤ / ٦٢).