وهذا كقوله : (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ) [الأنعام : ٦٠].
فإن قلت : هلّا فسرته بالراحة؟
قلت : النشور في مقابلته يأباه إباء العيوف الورد وهو مرنّق.
قلت : والعيوف : الناقة الكارهة للماء ، والمرنّق : المكدّر. يقال : في عيشه ترنيق ، أي : تكدير.
وعلى التحقيق : لم يأت الزمخشري بشيء ؛ لأنه إن أراد حقيقة الموت فذاك محال ، وإن أراد به الموت المجازي ، فهو الذي قاله الزجاج وغيره ، وإطلاق اسم الراحة عليه من باب تسمية الشيء بما يلازمه ويجاوره ، والتفسير المذكور في النشور يعكر (١) على أصل مقصوده بالإبطال ؛ لأنه [رام](٢) المقابلة بين الموت والحياة ، فإذا لم يفسر النشور بها انحلّت الرابطة بينهما ، على أني أقول : المقصود من هذه السياقة امتنان الله تعالى على عباده بالنّعم المذكورة ، فإذا فسّر السّبات بالموت مع قطع النظر عما ذكرناه اختلّ المعنى وبطل المقصود ، فتفهّم ذلك.
(وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً (٤٨) لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنا أَنْعاماً وَأَناسِيَّ كَثِيراً (٤٩) وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً) (٥٠)
__________________
(١) في هامش ب : أصل العكر : من الاعتكار ، وهو الازدحام والكثرة. وقيل : هو العادة والدّيدن ، وكأنه هاهنا بمعنى الرجوع. (انظر : اللسان ، مادة : عكر).
(٢) في الأصل : أصل. والتصويب من ب.