قال صاحب الكشاف (١) : إن كان لا يراها إلا من الأنواء ويجحد أن تكون هي [والأنواء](٢) من خلق الله : فهو كافر ، وإن كان يرى أن الله تعالى خالقها وقد نصب الأنواء دلائل وأمارات عليها : لم يكفر.
وفي الصحيحين من حديث زيد بن خالد الجهني قال : «صلى لنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم صلاة الصبح بالحديبية في إثر سماء كانت من الليل ، فلما انصرف أقبل على الناس فقال : هل تدرون ما ذا قال ربكم؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ، فأما من قال : مطرنا بفضل الله وبرحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب ، وأما من قال : مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب» (٣).
(وَلَوْ شِئْنا لَبَعَثْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً (٥١) فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَجاهِدْهُمْ بِهِ جِهاداً كَبِيراً (٥٢) * وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً (٥٣) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً) (٥٤)
قوله تعالى : (وَلَوْ شِئْنا لَبَعَثْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً) يتضمن إعلام الرسول صلىاللهعليهوسلم بكرامته على ربه وتفضيله على سائر الرسل (٤) ، حيث قصر الرسالة إلى الخلق كافة
__________________
(١) الكشاف (٣ / ٢٩٢).
(٢) في الأصل : الأنواء. والتصويب من ب ، والكشاف ، الموضع السابق.
(٣) أخرجه البخاري (١ / ٢٩٠ ح ٨١٠) ، ومسلم (١ / ٨٣ ح ٧١).
(٤) في ب : رسله.