وهذا القول اختيار الفراء والزجاج (١).
وقال ابن السائب : هما مشرق الشمس في أقصر يوم في السنة ، ومشرقها في أطول يوم في السنة (٢). ومثله : (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) [الرحمن : ١٧].
(وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ (٣٩) أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٤٠) فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ (٤١) أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ (٤٢) فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤٣) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ (٤٤) وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ)(٤٥)
قوله تعالى : (وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ) يريد : يوم القيامة (إِذْ ظَلَمْتُمْ) أي : أشركتم في الدنيا (أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) في محل الرفع على الفاعلية ، تقديره : لن ينفعكم الاشتراك في العذاب كما ينفع الواقعين في الأمر الصعب اشتراكهم فيه (٣). وقد قررت هذا المعنى بأوضح من هذا فيما مضى.
ويجوز أن يجعل الفعل للتمني في قوله تعالى : (يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ) بمعنى : ولن ينفعكم اليوم تمنّي مباعدة القرين.
وقوله تعالى : (أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) تعليل ، أي : لن ينفعكم تمنيكم ؛
__________________
(١) معاني الفراء (٣ / ٣٣ ـ ٣٤) ، ومعاني الزجاج (٤ / ٤١٢).
(٢) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٧ / ٣١٦).
(٣) ذكر هذا التقدير الزمخشري في : الكشاف (٤ / ٢٥٦).