(وَآتَيْناهُمْ مِنَ الْآياتِ ما فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ) نعمة ظاهرة.
(إِنَّ هؤُلاءِ لَيَقُولُونَ (٣٤) إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (٣٥) فَأْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣٦) أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْناهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ)(٣٧)
ثم عاد إلى الإخبار عن كفار قريش فقال تعالى : (إِنَّ هؤُلاءِ لَيَقُولُونَ* إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى) قال صاحب الكشاف (١) : [فإن](٢) قلت : كان الكلام واقعا في الحياة الثانية لا في الموت ، فهلّا قيل : إن هي إلا حياتنا الأولى وما نحن بمنشرين؟ كما قيل : (إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ)؟ وما معنى قوله تعالى : (إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى)؟ وما معنى ذكر الأولى؟ كأنهم وعدوا موتة أخرى حتى نفوها وجحدوها وأثبتوا الأولى؟
قلت : معناه ـ والله الموفق للصواب ـ : أنه قيل لهم : إنكم تموتون موتة تتعقبها حياة ، كما تقدمتكم موتة [قد تعقبتها](٣) حياة ، وذلك قول الله عزوجل : (وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) [البقرة : ٢٨] فقالوا : (إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى) يريدون : ما الموتة التي من شأنها أن تتعقبها حياة إلا الموتة الأولى دون الموتة الثانية.
(وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ) بمبعوثين. يقال : أنشر الله تعالى الموتى ونشرهم : إذا
__________________
(١) الكشاف (٤ / ٢٨١ ـ ٢٨٢).
(٢) زيادة من الكشاف (٤ / ٢٨١).
(٣) في الأصل : تعقبها. والتصويب والزيادة من الكشاف ، الموضع السابق.