قال الزجاج (١) : والأجود أن يكون على مثل شهادة النبي صلىاللهعليهوسلم ، يعني : كونه من عند الله. فيكون المقصود تقريع اليهود وتبكيتهم وإلزامهم الحجة بإسلام عالمهم وابن عالمهم وسيدهم وابن سيدهم عبد الله بن سلام.
وروى الشعبي عن مسروق قال : والله ما نزلت في عبد الله بن سلام ؛ لأن آل حم نزلت بمكة ، وإنما أسلم عبد الله بالمدينة ، وإنما كانت محاجة من رسول الله صلىاللهعليهوسلم لقومه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (٢).
ومثل القرآن التوراة ، فشهد موسى على التوراة ، ومحمد على القرآن ، وكلاهما مصدق الآخر.
فعلى هذا يكون المعنى : وشهد موسى على التوراة التي هي مثل القرآن ، ومصدقة له في التوحيد والإخبار بما كان وما يكون ، وناطقة بصحته ومخبرة بوجوده.
والأول أشهر وأكثر وأحسن في انتظام الكلام ومطابقة المعنى.
فإن قيل : أين جواب الشرط في قوله : (إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ)؟
قلت : هو محذوف. وفي تقديره أربعة أوجه :
أحدها : فمن أضلّ منكم؟ قاله الحسن (٣).
والثاني : أن التقدير : إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد فآمن به ، أو
__________________
(١) معاني الزجاج (٤ / ٤٤٠).
(٢) أخرجه الطبري (٢٦ / ٩). وذكره السيوطي في الدر المنثور (٧ / ٤٣٩) وعزاه لابن جرير وابن أبي حاتم.
(٣) ذكره الماوردي (٥ / ٢٧٤) بلا نسبة ، والواحدي في الوسيط (٤ / ١٠٥).