قلت : قد سبق في مواضع من هذا الكتاب التنظير (١) بهذه الآية ، وأن المعنى : لأجل الذين آمنوا. ويجوز أن يكون من خطاب التلوين والرجوع من المخاطبة إلى المغايبة ، فتكون اللام على بابها.
قوله تعالى : (وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ) أي : بالقرآن.
قال الزمخشري (٢) : إن قلت : لا بد من عامل في الظرف في قوله : (إِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ) ومن متعلق بقوله : " فسيقولون" ، وغير مستقيم أن يكون" فسيقولون" هو العامل في الظرف ، لتدافع دلالتي المضي والاستقبال ، فما وجه هذا الكلام؟
قلت : العامل في" إذ" محذوف ؛ لدلالة الكلام عليه ، كما حذف من قوله تعالى : (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ) [يوسف : ١٥] ، وقولهم : حينئذ الآن ، وتقديره : وإذ لم يهتدوا به ظهر عنادهم ، فسيقولون هذا إفك قديم ، فهذا المضمر صح به الكلام ، حيث انتصب به الظرف ، وكان قوله : " فسيقولون" [مسببا](٣) عنه ، كما صح بإضمار أن قوله تعالى : (حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ) [البقرة : ٢١٤] لمصادفة" حتى" مجرورها ، والمضارع ناصبه.
وقولهم : (هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ) كقولهم : أساطير الأولين.
(وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ)(١٢)
__________________
(١) رسمت في الأصل هكذا : التنيطير.
(٢) الكشاف (٤ / ٣٠٤ ـ ٣٠٥).
(٣) في الأصل : سببا. والتصويب من الكشاف (٤ / ٣٠٥).