حدث ، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها فانظروا ما هذا الأمر ، فمرّ النفر الذين توجهوا نحو تهامة بالنبي صلىاللهعليهوسلم وهو بنخلة وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر ، فلما سمعوا القرآن تسمّعوا له فقالوا : هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء ، فهنا لك رجعوا إلى قومهم فقالوا : (إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً* يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ) [الجن : ١ ـ ٢] ، فأنزل الله على نبيه صلىاللهعليهوسلم : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ)(١).
وقال قوم : صرفوا إليه لينذرهم ، وأمر أن يقرأ عليهم القرآن. وهذا مذهب جماعة ، منهم : قتادة.
وكان يقول : ذكر لنا أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : إني أمرت أن أقرأ على الجن ، فأيكم يتبعني. فأطرقوا ، ثم استتبعهم فأطرقوا ، ثم استتبعهم الثالثة فأطرقوا ، فأتبعه عبد الله بن مسعود. قال : فدخل نبي الله صلىاللهعليهوسلم شعبا يقال له : شعب الحجون ، وخط على عبد الله خطا ليثبته به. قال : فسمعت لغطا شديدا حتى خفت على نبي الله صلىاللهعليهوسلم ، فلما رجع قلت : يا نبي الله ، ما اللغط الذي سمعت؟ قال : اجتمعوا إليّ في قتيل كان بينهم ، فقضيت بينهم بالحق (٢).
وفي صحيح مسلم من حديث علقمة قال : «قلت لابن مسعود : هل صحب النبي صلىاللهعليهوسلم ليلة الجن منكم أحد؟ قال : ما صحبه منا أحد ، ولكنا كنا مع النبي صلىاللهعليهوسلم ذات ليلة ففقدناه ، فالتمسناه في الأودية والشعاب فقلنا : استطير [أو اغتيل](٣) ، فبتنا بشرّ ليلة بات بها قوم ، فلما أصبحنا إذا هو جاء من قبل حراء ، قال : فقلنا : يا رسول
__________________
(١) أخرجه البخاري (٤ / ١٨٧٣ ح ٤٦٣٧) ، ومسلم (١ / ٣٣١ ح ٤٤٩).
(٢) أخرجه الطبري (٢٦ / ٣١).
(٣) في الأصل : واغتيل. والتصويب من مسلم (١ / ٣٣٢).