قلت : الذي ضمنه الله تعالى حفظ كتابه ، وأن الباطل لا يلبس به ، وذلك حاصل والحمد لله.
وأما تحريف الغالين وتأويل الزائغين فقد قيض الله سبحانه وتعالى رجالا يبيّنون عواره ويوضحون فساده ، ويدفعون ما ليس منه.
قوله تعالى : (ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ) قال قتادة وجمهور المفسرين : المعنى ما يقول المشركون لك إلا مثل ما قال للرسل كفار قومهم من الأقوال المؤذية ، كقولهم : ساحر ومجنون (١). فتكون الآية على هذا القول تعزية للنبي صلىاللهعليهوسلم.
وقال الكلبي : المعنى : ما تخبر إلا ما أخبر الأنبياء قبلك ، وهو (إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ) لمن آمن بالله وصدق المرسلين (وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ) لمن كفر بالله وكذّب المرسلين (٢).
(وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (٤٤) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ)(٤٥)
__________________
(١) أخرجه الطبري (٢٤ / ١٢٦) ، وابن أبي حاتم (١٠ / ٣٢٧٣). وذكره السيوطي في الدر (٧ / ٣٣٢) وعزاه لابن أبي حاتم عن قتادة.
(٢) ذكره الماوردي (٧ / ٣٣٢) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٧ / ٢٦٣) حكاية عن الماوردي.