قوله تعالى : (وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا) أي : لو أنزلنا القرآن بلسان أعجمي (لَقالُوا لَوْ لا) : هلّا (فُصِّلَتْ) أي : بيّنت (آياتُهُ) بأن تنزل عربية ، ولقالوا إنكارا لذلك : (ءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌ) أي : أقرآن أعجمي ورسول عربي؟ ، أو مرسل إليه عربي؟ ، والمعنى الأول قول سعيد بن جبير (١) ، والثاني قول السدي (٢).
ومعنى الكلام : أنهم قوم شأنهم التعنت واتباع الهوى والتكذيب.
قرأ ابن كثير في رواية قنبل من طريق ابن شوذب وابن عامر من رواية الحلواني عن هشام : " أعجمي" بهمزة واحدة مقصورة مع سكون العين ، وهي قراءة الحسن والضحاك والجحدري ، ومثلهم عمرو بن ميمون ، إلا أنه فتح العين. وقرأ الباقون بهمزتين على الاستفهام على اختلاف أصولهم (٣).
قال أبو الفتح (٤) : أما من قرأ" أعجميّ" بقصر الهمزة وسكون العين ، فعلى أنه خبر [لا استفهام ، أي](٥) : لقالوا : لو لا فصلت آياته. ثم أخبر فقال : الكلام الذي جاء به أعجميّ ، أي : قرآن وكلام أعجميّ. ولم يخرج مخرج الاستفهام على معنى التعجب والإنكار على قراءة الكافة. وأما قراءة عمرو بن ميمون فهو منسوب إلى العجم.
__________________
(١) أخرجه الطبري (٢٤ / ١٢٦). وذكره الماوردي (٥ / ١٨٦) ، والسيوطي في الدر (٧ / ٣٣٣) وعزاه لعبد بن حميد.
(٢) أخرجه الطبري (٢٤ / ١٢٧). وذكره الماوردي (٥ / ١٨٦).
(٣) انظر : الحجة للفارسي (٣ / ٣٥٦ ـ ٣٥٨) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٦٣٧) ، والكشف (٢ / ٢٤٨) ، والإتحاف (ص : ٣٨١) ، والسبعة (ص : ٥٧٦ ـ ٥٧٧).
(٤) المحتسب (٢ / ٢٤٨).
(٥) زيادة من المحتسب (٢ / ٢٤٨).