ثم ذكر الله ما يحبه فقال : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا) أي : صافّين أنفسهم أو مصفوفين ، (كَأَنَّهُمْ) في [تراصّهم](١) من غير خلل (بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ) قد [رصف ورصّ](٢) بعضه ببعض.
وقال الفراء (٣) : المرصوص : المبنيّ بالرّصاص.
وقوله : (صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ) حالان متداخلتان (٤).
(وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (٥) وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ)(٦)
قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي) وبّخهم عليهالسلام على إفراطهم في أذاه ، على ما ذكرناه في أواخر الأحزاب عند قوله : (لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى) [الأحزاب : ٦٩].
(وَقَدْ تَعْلَمُونَ) في محل الحال (٥) ، أي : تؤذونني عالمين علما لا تردّد عندكم فيه
__________________
(١) في الأصل : تزاحمهم. والتصويب من ب.
(٢) في الأصل : رص وقد رص. والتصويب من ب.
(٣) معاني الفراء (٣ / ١٥٣).
(٤) انظر : التبيان (٢ / ٢٦٠) ، والدر المصون (٦ / ٣١٠).
(٥) انظر : الدر المصون (٦ / ٣١٠).