وذكّرهم بالقرابة التي بينه وبينهم ، بخلاف عيسى ، فإنه قصد إخبارهم برسالته إليهم وبشارتهم بمحمد صلىاللهعليهوسلم رسولا من بعده.
فإن قيل : بماذا انتصب قوله : " مصدّقا" و" مبشّرا"؟
قلت : بما في" رسول" من معنى الإرسال.
فإن قيل : ما منعك أن تجعل الظرف هو العامل؟
قلت : لأن" إليكم" صلة ل" رسول" ، وحروف الجر لا تعمل إلا بما فيها من معنى الفعل. فإذا وقعت صلات لم تتضمّن معنى الفعل ، فلا تعمل.
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وأبو بكر : " من بعدي اسمه أحمد" بفتح الياء ، وأسكنها الباقون (١). والعلة في ذلك : التقاء الساكنين.
والخليل وسيبويه يختاران الفتح.
فإن قيل : ما معنى" أحمد"؟
قلت : هو أفعل من الحمد ، بمعنى : أنه أكثر حمدا لله من غيره ، أو يحمد أكثر من غيره ، بما فيه من محاسن الشيم ومكارم الأخلاق. فتكون المبالغة على المعنى الأول من الفاعل ، وعلى الثاني من المفعول.
أخبرنا الشيخان أبو القاسم العطار وأبو الحسن بن العطار قالا : أخبرنا أبو الوقت ، أخبرنا الداودي ، أخبرنا السرخسي ، أخبرنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب ، عن الزهري قال : أخبرني محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إن لي أسماء ؛ أنا محمد ، وأنا أحمد ،
__________________
(١) الحجة للفارسي (٤ / ٤٠) ، والكشف (٢ / ٣٢١) ، والنشر (٢ / ٣٨٧) ، والإتحاف (ص : ٤١٥) ، والسبعة (ص : ٦٣٥).