وإلا فإنك لا تستطيع قتلي. قال : وما هو؟ قال : تجمع الناس في صعيد واحد ، ثم تصلبني على جذع ، وتأخذ سهما من كنانتي (١) ، ثم قل : بسم الله رب الغلام ، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني ، ففعل ، ووضع السهم في كبد قوسه وقال : بسم الله ربّ الغلام ، فوضع السهم في صدغه ، فوضع الغلام يده على موضع السهم ومات ، فقال الناس : آمنا برب الغلام ، فقيل للملك : أرأيت ما كنت تحذر ، فقد والله نزل بك ، فقد آمن الناس كلهم ، فأمر بأفواه السكك فخدّدت فيها الأخاديد ، وأضرمت فيها النيران ، وقال : من رجع عن دينه فدعوه ، وإلا فأقحموه فيها ، فكانوا يتعادون فيها ويتدافعون ، فجاءت امرأة بابن لها ترضعه ، فكأنها تقاعست أن تقع في النار ، فقال الصبي : يا أماه اصبري فإنك على الحق» (٢). هذا حديث صحيح انفرد بإخراجه مسلم. فرواه عن هدبة [بن](٣) خالد (٤) ، عن حماد بن سلمة. ولم يخرج البخاري عن صهيب شيئا.
قال سعيد بن المسيب : كنا عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، إذ ورد عليه قوم فقالوا : إنهم وجدوا ذلك الغلام ـ يعني : الذي ذكرناه ـ وهو واضع يده على صدغه ، فكلما مدّت يده عادت إلى صدغه ، فكتب عمر : واروه حيث وجدتموه (٥).
وروي عن علي عليهالسلام أنه قال حين اختلف المسلمون في المجوس وما
__________________
(١) الكنانة : جعبة السهام تتّخذ من جلود لا خشب فيها ، أو من خشب لا جلود فيها (اللسان ، مادة : كنن).
(٢) أخرجه مسلم (٤ / ٢٢٩٩ ح ٣٠٠٥) ، وأحمد (٦ / ١٦ ـ ١٧).
(٣) في الأصل : عن. والتصويب من ب.
(٤) ويقال له : هداب بن خالد ، كما جاء في مسلم (٤ / ٢٢٩٩).
(٥) ذكر نحوه الواحدي في الوسيط (٤ / ٤٦٠) من قول ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر.