أبراجه وجدرانه تتشقق وتنهار فانفتحت شقوق كبيرة وأخذ البدو يمارسون عاداتهم القديمة المألوفة فيمدون أياديهم إلى أموال الأهالى والمواشى وأخذوا يزعجون سكنة دار السكينة ، مما دفع الأهالى إلى عرض أحوالهم على أعتاب السلطان سليمان وإعلامها فى سنة ٩٣٧ هجرية ، فصدر الأمر السلطانى بتعمير سور المدينة القديم بشكل متين قوى وإنقاذ الأهالى الكرام من تسلط اللصوص ، وتعيين من يقتضى تعيينهم من أجل هذا العمل على وجه السرعة وإرسالهم إلى دار الهجرة ، وإشعار ذلك إلى والى ولاية مصر ، وبناء على صدور الصحيفة التى تحوى الأمر السلطانى وإرسالها إلى والى مصر ، تم تدبير الشخص الذى أنيطت به مهمة أمانة البناء كما دبرت المبالغ اللازمة ، وتوجه مستصحبا معه لوازم البناء إلى المدينة المنورة وتحرك من مصر لينال هذا الشرف وعندما وصل إلى دار الهجرة أخذ يقيس الأماكن التى تحتاج إلى التعمير والبناء من السور فتكشف له أن أربعة آلاف ذراع معمارى من الجدران فى حاجة إلى التأسيس والتشييد من جديد ماعدا الأبراج والدعائم ، وكان ارتفاع هذا الجدار سبعة عشر ذراعا وسمكه عشرة أذرع ، وقد جلب أمين البناء العمال المطلوبين من المدينة المنورة ، وابتدئ فى حفر الأساس فى أواسط سنة ٩٣٩. وقد بذل أقصى الجهود وأخلص المساعى فى بناء السور وقدمت التسهيلات اللازمة من جميع الجهات ومع ذلك لم يتم بناؤه. إلا فى ظرف سبع سنوات واكتمل فى أواخر سنة ٩٤٦ وفتحت للسور الخارجى أربعة أبواب وللسور الداخلى الذى يطلق عليه «القلعة الداخلية» بابان.
وكان أحد أبواب «القلعة الداخلية» مفتوحا أو مغلقا على صورة دائمة بينما كان الآخر قد صمم على أن يفتح ويغلق فى وقت الحاجة فقط لذلك أطلق عليه «الباب السرى».
وقد غطيت مصاريع أبواب القلعة الخارجية والداخلية بألواح حديدية بينما صنع «الباب السرى» من الحديد الخالص وقد رممت بروج القلعة الخارجية أكثر من بروج القلعة الداخلية ، وعمقت حفرة الخندق وشيدت جدرانها قوية متينة على قدر الإمكان ، وأجرى مقدار كاف من المياه من «عين الزرقاء» حتى لا يحرم