«عبد الحميد» العصر المبرور الذى شاهد نشر المعالى والعلوم ، ظهرت إحدى هاتين الجملتين مرتدية ملابس اللغة العثمانية وذلك بإيعاز وتشجيع من صاحب السلطنة ، تحت عنوان «مرآة مكة» أما الأخرى فلم يكتب لها الظهور لتقلب أحداث عجلات الزمان تقلب لون الحرباء.
وأخذ المطلعون على أحوال الحرمين الشريفين المقانع (١) من أصحاب الوجد يرجوننى قائلين : «لتلبس تلك الحسناء العربية ملابس الفتاة الرومية» ، كما أن الأصدقاء الكرام ضموا أصواتهم لرغبة هؤلاء إذ رأوا أن ظهور أحد شعارى التوحيد مكتسيا بالزى العثمانى وترك الآخر على المحرومين من مشاهدة الروضة المطهرة واشتراكهم مع المحبين فى مجلس الصحبة ـ مما لا يتماشى مع شيمة العدل والتدين وبهذه البراعة فى الاستهلال دفعونى إلى القيام بهذا العمل ، كما أننى أقبلت على هذا العمل مكررا ببعض قدرتى وقلة حيلتى ، آخذا من كتاب الإمام السمهودى «خلاصة الوفاء بأخبار دار المصطفى» هذا الكتاب الذى انتشر فى أرجاء العالم الأربعة حاويا الأفكار البديعة والأخبار الشيقة مستمدا منه مادتى العلمية اللازمة لكتابتى ، مضيفا إليه معلوماتى الشخصية وما حصلت عليه من الأخبار من تحقيقاتى الذاتية وبهذا ألبست تلك المحبوبة الجميلة ما قمت بتفصيله من الزى العثمانى ، وبما أنه سيعكس أنوار عيون أصحاب الدين سميته «مرآة المدينة».
كما أن كتابى هذا الذى لا يخلو من الأخطاء نتيجة لقلة بضاعتى قد يبدو عديم القيمة والأهمية ، ومع هذا فهو أول كتاب يشتمل على الأحوال العامة والخاصة للمدينة المنورة باللغة التركية ، ومن هنا حاز شرف الأولية ، كما أنه صدر فى عهد خلاصة السلالة العثمانية كهف الثقلين وخادم الحرمين ولى نعمتنا السلطان ابن السلطان ابن السلطان الغازى عبد الحميد خان الثانى وبهذا نال شرفا آخر.
__________________
(١) العدول المرضيين.