مقدمة
قبل الخوض في تحقيق المسائل الأصولية يبحث عن أمور جرت السيرة على البحث عنها وهي أمور وموضوعات لها ارتباط بالمسائل المعنونة في المباحث الأصولية
الأول في حال العلوم وموضوعها ووحدتها ومسائلها وتميز بعضها عن بعض وغيرها ، فنقول انك إذا تفحصت العلوم المدونة الدائرة بين أبناء عصرنا من علمية وعملية وحقيقية واعتبارية ، يتضح لك تكامل العلوم في عصر بعد عصر من مرتبة ناقصة إلى مرتبة كاملة بحيث كانت في أول يومها الّذي دونت وانتشرت ، عدة مسائل متشتتة تجمعها خصوصية كامنة في نفس المسائل ، بها امتازت عن سائر العلوم وبها عدت علما واحدا ، فجاء الخلف بعد السلف في القرون الغابرة ، وقد أضافوا إليها ما تمكنوا عنه وما طار إليه فكرتهم ، حتى بلغ ما بلغ ، بحيث تعد بآلاف من المباحث بعد ما كانت أول نشوها بالغا عدد الأصابع
وينبئك عن هذا ما نقله الشيخ الرئيس في تدوين المنطق عن المعلم الأول من أنا ما ورثنا عمن تقدمنا في الأقيسة الا ضوابط غير منفصلة واما تفصيلها وافراد كل قياس بشروطه فهو امر قد كددنا فيه أنفسنا (وأمامك) علم الطب فقد تشعب وانقسم عدة شعبات من كثرة المباحث وغزارة المسائل حتى ان الرّجل لا يتمكن اليوم من الإحاطة بكل مسائله أو جلها بل يتخصص في بعض نواحيه بعد ما كان جميع مسائله مجتمعا في كتاب وكان من المرسوم الدائر قيام الرّجل الواحد بمداواة جميع الأمراض والعلل (وهذا هو الفقه) فانظر تطوره وتكامله من زمن الصدوقين إلى عصورنا الحاضرة
ثم ان وحدة العلوم ليست وحدة حقيقية بل وحدة اعتبارية لامتناع حصول الوحدة الحقيقية التي هي مساوقة للوجود الحقيقي من القضايا المتعددة لأن المركب من جزءين أو اجزاء ليس موجودا آخر وراء ما تركب منه. اللهم إذا حصل الكسر والانكسار ، وأخذت الاجزاء صورة على حدة غير موجودة في نفسها وهو الّذي يعبر عنه بالمركب الحقيقي (أضف) إليه ان سنخ وحدة العلم تابع لسنخ وجوده بل عينه على وجه دقيق وليس العلم إلا عدة قضايا متشتتة ولهذه المتشتتات ارتباط خاص وسنخية واحدة وخصوصية فاردة ،