باب
ردّ الكناية تارة إلى اللفظ وتارة إلى المعنى
ـ إن سأل سائل عن قوله تعالى : (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً) (١) ، إلى قوله : (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ ،) أليس كلمة «الذي» للوحدان؟
وكيف يفي عنه بالجماعة حتى قال : (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ.)
الجواب عنه ـ وبالله التوفيق :
قلنا : إنّ كل كلمة تضمّنت جمعا ووحدانا ، فلك أن تردّها إلى اللفظ تارة ، وإلى المعنى تارة. فمنها «الذي» و «من» و «ما» و «كل» و «أحد».
فهذه خمسة أحرف ، لفظها للواحد ، ولإبهامها تصلح للجماعة ، حتى قال بعض النحويين : إن «من» تصلح للواحد والتثنية والجمع ، والمذكر والمؤنث.
قال الله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ) (٢) أجراه على الوحدان ، ثم قال : (وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) رده إلى المعنى ؛ لأن معناه يصلح للجنس.
وقال تعالى : (وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ) (٣) ، وقوله تعالى :
__________________
(١) سورة البقرة : آية ١٧.
(٢) سورة البقرة : آية ٨.
(٣) سورة الأنبياء : آية ٨٢.