وقوله تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ) (١) هذا على قول بعض المفسرين يحتمل الماضي ، ويحتمل الحال أيضا.
وكقوله تعالى : (وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً) (٢) ، (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (٣).
ولها نظائر في القرآن.
فهذا يحتمل الماضي والمستقبل والحال كما قال الخليل (٤) وغيره : إنّ هذا خبر عن الله تعالى أنه لم يزل ولا يزال غفورا رحيما ، وهو اليوم يغفر لك ؛ لأن العلم محيط بأنّ الحوادث غير جائزة على الله تعالى.
وأمّا قوله تعالى : (كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا) (٥).
فهذا يدل على الحال فقط ، تقديره : من هو في المهد صبيّ.
وقوله تعالى : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ) (٦) ، ولها نظائر في القرآن.
ـ وأمّا ما يدلّ على الماضي فقط فقوله تعالى : (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً) (٧) ، وقوله تعالى : (وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ) (٨) ، وقوله تعالى :
__________________
(١) سورة آل عمران : آية ١١٠.
(٢) سورة النساء : آية ١٦٥.
(٣) سورة النساء : آية ٩٦.
(٤) هو الخليل بن أحمد الفراهيدي ، أخذ علم النحو عن أبي عمرو بن العلاء ، وأخذ عنه سيبويه ، وهو مخترع علم العروض ومعرفة أوزان أشعار العرب ، وأول من صنف في اللغة على حروف المعجم ، له كتاب «العين» ، وطبع مؤخرا ، توفي سنة ١٧٠ ه.
(٥) سورة مريم : آية ٢٩.
(٦) سورة الأحزاب : آية ٤٠.
(٧) سورة البقرة : آية ٢١٣.
(٨) سورة النمل : آية ٤٨.