ما] (١) ولا يكون صلة في أول الكلام.
وقيل : إن «ما» ههنا بمعنى الذي ، فتقديره : إنّ الله لا يستحي أن يضرب مثلا الذي هو بعوضة. والذي يقوّي هذا التأويل ما قرىء في الشواذ : (إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً) (٢) برفع التاء.
ـ وقيل : إنّ «ما» ههنا أدخل لمعنى ، كما قيل في كلام العرب : [مطرنا ما بين زبالة فالثعلبية] (٣). فتقدير الكلام : ما بين بعوضة إلى ما فوقها.
وقيل : إن «ما» ههنا صلة ، وهو أقوى الوجوه.
فتقدير الكلام : إنّ الله لا يستحي أن يضرب مثلا ببعوضة فما فوقها.
وتقدير آخر : أن يضرب مثلا بعوضة ، على البدل.
ـ وقال البصريون : إنّ «ما» إذا اتصل بما يختص بالأسماء ، فإنه
__________________
(١) هذا حديث شريف وليس من قولهم.
روي عن عمر بن الخطاب عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما».
أخرجه الترمذي والبيهقي ، راجع الفتح الكبير للسيوطي ١ / ٤٨.
(٢) وبها قرأ رؤبة بن العجاج ، وهذه لغة تميم ، جعل «ما» بمعنى «الذي» ورفع بعوضة على إضمار ابتداء.
راجع إعراب القرآن للنحاس ١ / ١٥٣.
(٣) زبالة كثمامة ، والثعلبية بفتح الثاء.
موضعان من منازل طريق مكة إلى الكوفة.
وقال ابن جني : تقول : مطرنا ما بين زبالة فالثعلبية إذا أردت أن المطر انتظم الأماكن التي ما بين هاتين القريتين ، يقروها شيئا فشيئا بلا فرجة ، وإذا قلت : مطرنا ما بين زبالة والثعلبية فإنما أفدت بهذا القول أن المطر وقع بينهما ، ولم ترد أنه اتصل في هذه الأماكن من أولها إلى آخرها.
راجع معاني القرآن للفراء ١ / ٢٢ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٢٢ ، وخزانة الأدب ١١ / ١٠ ـ ٢٠.