باب
التقديم والتأخير
ـ وهو شبية بالمقلوب أيضا.
ـ فإن سئل عن قوله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ) (١) ، كيف يجوز تشبيه الكافر بالناعق ، إذ الكافر هو المنعوق به؟
الجواب عنه :
قال أهل التفسير والمعاني : معناه : مثل واعظ الذين كفروا كمثل الناعق الذي ينعق بالغنم ـ وهو الراعي ـ فالغنم لا تفهم حقيقة قول الراعي.
كأنه حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه.
والثاني : تقدير الكلام : مثل الذين كفروا ومثلنا معهم كمثل الذي ينعق ، أي : مثلهم في الإعراض ومثلنا في الدعاء كمثل الناعق والمنعوق به ، فحذف المثل الثاني اكتفاء بالأول ، كقوله تعالى : (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) (٢). وله باب أفردناه ، وستقف عليه إن شاء الله (٣).
والجواب الثالث : مثل الذين كفروا في دعائهم الأصنام ، كمثل الراعي في رعاية الأغنام.
والرابع : مثل الذين كفروا حين دعوا الأصنام كمثل الذي يصيح في الجبل ، فيجيبه الصدى ولا حقيقة له ؛ لأنه صوّت لغير مجيب.
__________________
(١) سورة البقرة : آية ١٧١.
(٢) سورة القصص : آية ٧٣.
(٣) انظر صفحة ٣٠٥.