ـ وقال بعضهم : هذا على التقديم والتأخير.
فمعناه : مثل الذين كفروا كمثل الغنم الذي لا يفهم حقيقة قول الناعق.
فأضاف المثل الثاني إلى الناعق ، وهو في المعنى مضاف إلى المنعوق به.
وهذا مما لا يستنكر في كلام العرب ؛ لأنهم يقدّمون ما يوضّحه التأخير ، ويؤخّرون ما يوضحه التقديم ، كما قيل : عرضت الناقة على الحوض. أي : عرضت الحوض على الناقة. وكسوت الثوب بدني ، أي : كسوت بدني الثوب ، ولبست الخفّ رجلي.
كما قال تعالى : (ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ) (١). معناه : العصبة تنوء بالمفاتيح.
وقوله تعالى : (ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ) (٢). أي : سنين ثلثمائة.
ولو لا التقديم والتأخير لكان حقّ الكلام : ثلثمائة سنة.
وقيل : هذا على القياس المتروك (٣).
وقوله تعالى : (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ) (٤). أي : خلق العجل من الإنسان.
__________________
(١) سورة القصص : آية ٧٦.
(٢) سورة الكهف : آية ٢٥.
(٣) إذ قياسه أن يقال : ثلاث مئات أو مئين ، لكن وحّد اعتمادا على العقد السابق ، ومميّز المائة موحّد مجرور ، فقياسه : مائة سنة ، وجمع تنبيها على الأصل.
وقال الفراء : من العرب من يصنع سنين موضع سنة.
راجع إتحاف فضلاء البشر ص ٢٨٩.
(٤) سورة الأنبياء : آية ٣٧.