باب آخر
من الاستعارة
ـ فإن سئل عن قوله تعالى : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ) (١).
كيف يكون النساء حرثا؟
الجواب :
قلنا : إنه مصدر أقيم مقام الصفة ، فتقديره : نساؤكم ذوات حرثكم ، أو محترث مزدرع لكم. فالحرث ههنا استعارة من الولد ، فالعرب تستعير الكلمة ، فتضعها مكان الكلمة إذا كانت بسبب من الأخرى ، أو كانت مجاورة لها.
فتقول : بنو فلان شجرة طيبة ، ويقال للجمل : راوية (٢) ، وللفناء : عذرة (٣) ، وللنبات : نوء ؛ لأنه يكون عن النوء عندهم (٤).
__________________
(١) سورة البقرة : آية ٢٢٣.
(٢) يقال : له راوية يستقي عليه ، وهو بعير السقاء ، والجمع الرّوايا.
وارتويت قلوصا من الإبل : جعلتها راوية.
راجع أساس البلاغة ـ مادة (روى).
(٣) قال الزمخشري : ومن المستعار : أعذر الرجل : إذا أبدى ، من العذرة. وأصلها : الفناء.
(٤) النوء : سقوط نجم من المنازل في المغرب ، وطلوع رقيبه من المشرق يقابله من ساعته في كل ليلة.
وكانت العرب تضيف الأمطار والرياح والحر والبرد إلى الساقط منها ، وإنما غلّط