باب
ما يذكر بلفظ الماضي ومعناه المستقبل
ـ إن سئل عن قوله تعالى : (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ) (١) ، لم يقل : ملاقون ربّهم ؛ لأنّ من حقه ثبوت النون ؛ لأنه في معنى الاستقبال.
علامة الاستقبال في الجمع ثبوت النون ، كما أنّ في الوحدان ثبوت النون (٢) ، كقوله تعالى : (إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ) (٣).
وعلامة الماضي سقوط النون كقوله تعالى : (وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ) (٤) ، وأشباه ذلك.
فالجواب :
قال الشيخ الإمام رضي الله عنه : إنما سقطت النون هنا للإضافة.
واعلم ـ أرشدك الله ـ أن الأمر إذا علم وقوعه ، وأنّه كائن لا محالة عبّر عنه بلفظ الماضي وهو في الحقيقة للاستقبال ، مع جواز وضع الماضي موضع الاستقبال ، ووضع المستقبل موضع الماضي إذا كان الحال ينبىء عنه.
فمن ذلك قوله تعالى : (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) (٥) ، أي : يأتي.
__________________
(١) سورة البقرة : آية ٤٦.
(٢) المراد بالنون ههنا التنوين ، لأنه نون لفظا.
(٣) سورة الحاقة : آية ٢٠.
(٤) سورة الأنعام : آية ٩٣.
(٥) سورة النحل : آية ١.