وإمّا التوكيد والتفهيم كقوله تعالى : (إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ) (١) لأنّ المداينة قد تكون من القرض ، وتكون من المجازاة ، يقال : دنته لما صنع ، أي : جازيته.
وكقوله تعالى : (فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ) (٢) ليعلم أنّ السقف قد خرّ.
وقوله تعالى : (فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ) (٣) ، الفائدة فيه أنّ «من» للتبعيض ، أي : غشيهم من ماء اليم ، أي : بعض الماء غشيهم لا جميع المياه.
وقيل أيضا : غشيهم من ماء البحر ما غشي موسى وقومه ، ولكن نجا موسى ، وغرق فرعون.
وقوله تعالى : (وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ) (٤) لأنّ الطيران قد يكون بالرّجل وهو المشي ، حتى قيل : طر في حاجتي بأرجل.
وقال الشاعر :
٣٠١ ـ لقاء أكثر من يأتيك أوزار |
|
فلا تبال أصدّوا عنك أم زاروا |
٣٠٢ ـ لهم إليك إذا جاؤوك أوطار |
|
فإن قضيتهم ملّوك أو طاروا |
وكقوله تعالى : (يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ) (٥) ، لأنّ القول قد يكون بغير الفم.
يقال : قال برأسه ، وقال بيده ، وقد يكون بظنّ القلب ، يقال : قلت عبد الله خارجا ، أي : ظننت ، كما قال الشاعر :
٣٠٣ ـ أمّا الرحيل فدون بعد غد |
|
فمتى تقول الدار تجمعنا |
أي : تظن.
__________________
(١) سورة البقرة : آية ٢٨٢.
(٢) سورة النحل : آية ٢٦.
(٣) سورة طه : آية ٧٨.
(٤) سورة الأنعام : آية ٣٨.
٣٠١ ـ ٣٠٢ ـ البيتان لأبي فتح البستي وهما في يتيمة الدهر ٤ / ٣٢٤.
(٥) سورة آل عمران : آية ١٦٧.
٣٠٣ ـ البيت لعمر بن أبي ربيعة من قصيدة في ديوانه ص ٤٩٣ ، وهو من شواهد سيبويه ١ / ٦٣ ، والمقتضب ٢ / ٣٤٨ ، وشرح الجمل لابن عصفور ١ / ٤٦٢.