باب
ذكر العموم الذي أريد به الخصوص
إن سئل عن قوله تعالى : (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (١) ، وقوله تعالى : (كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) (٢) ، فقيل : كيف أسلم من في السموات والأرض وقد نرى أكثرهم كفارا؟
الجواب : هذا عموم بمعنى الخصوص ، ومثله قوله تعالى : (السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) (٣) عمّ ذكر السّراق بالقطع ، وأجمعنا جميعا أنّ من سرق دون النصاب فإنه لا يقطع ، ومن سرق من غير حرز ، أو سرق من ذي رحم محرم ، أو شارك ذا رحم محرم من المسروق منه فإنّه لا يقطع.
وكذلك أمر الناس بالقطع عام ، وأجمعنا أنّ القطع إلى الولاة.
وقوله تعالى : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ) (٤).
عمّ الزنا بالذكر وإيجاب الحد ، ثمّ المجنون والمجنونة لا يحدّان ، وكذلك من زنا لشبهة.
وقوله تعالى : (وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (٥) ، أي : وفيهم من يستغفر ، فأوقع العموم على الخصوص ، وكما يقال : قتل أهل القرية فلانا ، وربما قتله رجل أو رجلان.
__________________
(١) سورة آل عمران : آية ٨٣.
(٢) سورة البقرة : آية ١١٦.
(٣) سورة المائدة : آية ٣٨.
(٤) سورة النور : آية ٢.
(٥) سورة الأنفال : آية ٣٣.