تعالى : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ) (١) ، أي : بل يحسدون.
قال الفرّاء : «أم» إذا كان قبلها ألف الاستفهام يكون ردّا عليها ، مثل الآية التي تلوتها ، ومثل قولك : أزيد جاء أم عمرو.
ـ وأمّا إذا لم يكن قبلها ألف الاستفهام فينبغي أن يكون فيها كلام آخر ، لتتصل هذه به ، وإلا فلا يجوز.
قال : مثال هذا أن يقول الرجل ابتداء : أم عندك شيء ، فهذا لا يجوز ، إلا أن يقول : أنت رجل لا تنصف أم لك سلطان تدلي به ، فحينئذ يجوز ، لأنه قد تقدمها كلام فاتصل بها.
ـ وقال أبو بكر ابن الأنباري : «أم» كلمة تأتي بعد استفهام سبقها مثل ما بيّنّا ، وربّما تأتي غير مردودة إلى شيء ، فتجري مجرى هل.
ويكون الفرق بينها وبين هل أنّ «هل» استفهام مبتدأ به ، لا يتوسط ولا يتأخر و «أم» استفهام متوسط لا يكون إلا بعد كلام ، فجعلوا للمتوسط لفظا يخالف لفظ السابق ، فجعلوا للسابق «هل وأخواتها» وللمتوسط «أم» مثل قوله تعالى : (الم تَنْزِيلُ الْكِتابِ) (٢) إلى قوله : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ.)
وقال غيرهما من النحويين : إنّ «أم» في هذا الموضع بمعنى «بل» ، وهي الذي يقال لها المنفصلة.
ـ وبعضهم يفرّق بين «أم» و «أو» فيقول : إنّ «أم» كلمة مفرّقة لما جمعته ، و «أو» كلمة مفرّقة لما جمعه أحد.
__________________
(١) سورة النساء : آية ٥٤.
(٢) (الم تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ) [سورة السجدة : الآيتين ١ ـ ٢].