باب
العدول عن خبر كناية إلى خبر كناية من غير فاصل
ـ إن سئل عن قوله تعالى : (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ) (١).
كيف قال أولا : فضّلنا ، ثم أخبر فقال : منهم من كلم الله؟ وظاهر الكلام أنّ المفضّل غير المكلّم ، والمكلّم غير المفضّل؟
الجواب ـ وبالله التوفيق ـ :
مثل هذا لا يستنكر إذا كانت الحال تنبىء عنه ، كما يقول ملك لجنده : أطيعوا سلطانكم. يعني به نفسه ، ومثل هذا كثير مما يجري في رسائل أمير المؤمنين مثل : إنّ أميركم يأمركم بكذا وكذا ، وإنّ أمير المؤمنين يعنى بشأنكم.
وكما يقول رجل مشفق لمن التجأ إليه : لا تخف قد التجأت إلى مشفق ، يعني به نفسه.
وكما تقول امرأة لولدها : أمّك تفديك ، تعني به : نفسها ، وكما يقول والد لولده : أبوك يعينك ، وكذلك يقول الرجل لصديقه : فداك أخوك.
__________________
(١) سورة البقرة : آية ٢٥٣.