باب
المستقبل بمعنى الحال
ـ إن سئل عن قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ) (١)؟ قلنا :
قد قيل فيه ثلاثة أوجه : أحدها ـ إن تقدير الكلام : وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل أن لا تعبدوا ، فلما سقطت (أن) ارتفع ، واحتجوا بقول القائل :
٤٠٩ ـ ألا أيّهذا الزاجري أحضر الوغى |
|
وأن أشهد اللذّات هل أنت مخلدي |
أي : أن أحضر الوغى ، فلما سقطت «أن» ارتفع ، وكذلك الآية.
ـ وقال بعضهم : إنّما ارتفع لا تعبدون على القسم ، لأنّ الميثاق هو : العقد المؤكد باليمين. المعنى : حلّفناهم لا يعبدون إلا الله (٢).
ـ والوجه الثالث : أنّه ارتفع على الحال ، فتقدير الكلام : غير عابدين إلا الله. والحال على نوعين :
__________________
(١) سورة البقرة : آية ٨٣.
٤٠٩ ـ البيت لطرفة بن العبد من معلقته ، وقد تقدم ، وهو في المقتضب ٢ / ٨٥ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٢٨٦.
(٢) قال الأخفش : وإنما رفع لموقعه في موضع الأسماء ، ومعنى هذا الكلام حكاية ، كأنّه قال : استحلفناهم لا يعبدون ، أي : قلنا لهم : والله لا تعبدون.
راجع معاني القرآن للأخفش ١ / ١٢٦.