ـ والوجه الثاني : وفقك الله بفتح البلدان ، فصار ذلك سببا لغفرانك ، كما أنّ الله تعالى إذا وفّق عبدا له لأنواع من الطاعات فتقرّب بها إليه صار ذلك سببا للمغفرة.
وقيل : إنّ هذا مردود إلى قوله تعالى في السورة الأخرى : (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) (١) ليغفر لك الله ، لأنّ القرآن كلّه بمنزلة سورة واحدة.
ـ حتى بلغنا عن عكرمة رضي الله عنه أنّه قال ـ في قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً) ٢ ـ : إنّ الواو مردودة إلى قوله تعالى في سورة المؤمن وهو قوله : (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ) (٣).
ـ وقال غيره في قوله تعالى : (وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ) (٤) ، وقوله تعالى : (أَتَصْبِرُونَ) (٥) ، وقوله : (لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ) (٦) ، وقوله : (لِيَقُولُوا أَهؤُلاءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا) (٧) ، فإذا جمعت بين هذه الآيات صار تلخيصها :
إنّ الموالي لما أسلموا قبل الرؤساء قالت الرؤساء : لو كان في هذا الدين خير ما سبقونا إليه ـ يعنون الموالي ـ وقالوا أيضا : أهؤلاء منّ الله عليهم من بيننا بالإسلام ليكونوا أوفر حظا منا ، ونكون لهم تبعا ، فامتنعوا عن الإسلام فنزلت الآية ، فقال : (وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً) (٨) ، أي : جعلنا بعض السابقين من الفقراء بليّة لبعض الرؤساء ، ثم قال : (أَتَصْبِرُونَ) أيها الرؤساء على فضيلة السابقين؟ فادخلوا في الإسلام.
__________________
(١) سورة محمد : آية ١٩.
(٢) سورة الأنبياء : آية ٤٨.
(٣) سورة المؤمن : آية ٧.
(٤) سورة الأنعام : آية ٥٣.
(٥) سورة الفرقان : آية ٢٠.
(٦) سورة الأحقاف : آية ١١.
(٧) سورة الأنعام : آية ٥٣.
(٨) سورة الفرقان : آية ٢٠.