وقوله تعالى : (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ) (١).
قيل : إنّ هذا معطوف على قوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ) (٢) ، كأنّه قال : هل رأيت كالذي حاجّ إبراهيم في ربه ، أو كالذي مرّ على قرية.
وقيل : إنّ فيها إضمارين :
أحدهما : كأنه قال : ليس إحيائي وإماتتي كإحياء من قتل واحدا ، وعلى سبيل التشبيه ، بل إحيائي وإماتتي كمن مرّ على قرية أمتّه ثم أحييته بعد مائة عام.
وقيل : إن فيه تقديما وتأخيرا ، وكأنّه رجع إلى قوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ) (٣) ، إلى قوله : (ثُمَّ أَحْياهُمْ.)
كأنه قال : إحيائي للموتى كإحياء هؤلاء القوم ، أو كإحياء من مرّ على قرية ، لا كإحياء نمروذ حين خلّى سبيل حيّ فقال : إني أحييته. والله أعلم بمراده.
وقوله تعالى : (أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) (٤) ، قيل : هذه همزة الاستفهام دخلت على واو العطف ، والاستفهام هذا بمعنى الإنكار ، كأنّه معطوف على قوله : (حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ) (٥) ، أي : الرسول. ولما أصابتكم مصيبة قلتم أنّى هذا؟ قل : هو من عند أنفسكم ، حيث فشلتم وعصيتم الرسول.
ـ وقوله تعالى : (فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ) (٦).
__________________
(١) سورة البقرة : آية ٢٥٩.
(٢) سورة البقرة : آية ٢٥٨.
(٣) تتمتها : (فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ) [البقرة : آية ٢٤٣].
(٤) سورة آل عمران : آية ١٦٥.
(٥) سورة آل عمران : آية ١٥٢.
(٦) سورة النساء : آية ٨٤.