قيل : إنّ هذا متصل بمضمر في قوله عزوجل : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ) (١). أي : ولو لا فضل الله عليكم ورحمته إذا أكرمكم بالإيمان لا تبعتم الشيطان ، فكما أكرمكم بالإيمان فقاتل في سبيل الله.
والثاني : ولو لا فضل الله بإرسال الرسول ، ورحمته بإنزال القرآن ما اهتدى أحد إلى معرفة الباري بعقله ، فقاتل في سبيل الله شكرا لهاتين النعمتين.
ـ وقيل : بل هذا متصل بقوله تعالى : (وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) (٢) ، فقاتل...
ـ وأمّا قوله تعالى : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً ، وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً) (٣) الآية ، قيل : إنّ الاستثناء بعد النهي إثبات ، وبعد الأمر رخصة ، والله تعالى لا يرخّص في قتل المؤمن إلا بالحقّ فكيف الوجه في هذا؟
قيل : إنّه مردود إلى قوله في سورة بني إسرائيل (٤) ، كأنّه قال : وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا ، ومن قتل فقد جعلنا لوليّه سلطانا يقتصّه إلا خطأ ، فيكون الاستثناء من القصاص.
وقيل : فيه أيضا وجه آخر ، وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا ، ومن قتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم إلا خطأ.
__________________
(١) سورة النساء : آية ٨٣.
(٢) سورة النساء : آية : ٧٤.
(٣) سورة النساء : آية ٩٢.
(٤) أي إلى قوله تعالى : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً) [سورة الإسراء : آية ٣٣].