فمعناه : حين آتيتكم من كتاب وحكمة ، ومن قرأ بتخفيف اللام وفتحها أراد : الذي آتيتكم (١).
وقد قيل : إن «ما» ههنا للشرط دخل عليها اللام كما دخلت على إذ إذا كان. (وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَ) (٢) الآية ، ههنا دخلت في جوابها لام القسم أيضا ، وقوله تعالى : (لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ) (٣).
وأما قوله تعالى : (وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) (٤) ، فأدخلت هذه اللام للفرق بين «إن» إذا كانت للإثبات ، وبين ما إذا كانت للنفي ، ففي الآية للإثبات لا للنفي. يدلك عليه لام التي استقبلته إلا في مثل قوله تعالى : (إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ) (٥) وأشباهه في القرآن كثيرة.
وأما قوله تعالى : (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ) (٦) ، فاللام الأولى التي في لما إنما تضعها العرب في غير موضعها الذي يريدون فيذكرون بعدها اللام التي يريدونها ، فكان المعنى : وإن كلا ليوفينهم.
ومن قرأ (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) بتشديد الميم (٧) فكأنه يريد لمما (٨).
__________________
(١) وهي قراءة باقي القراء. وقال سيبويه : سألت الخليل عن قوله عزوجل : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ ،) فقال : «ما» بمعنى الذي. ا ه.
وقال النحاس : التقدير : للذي آتيتكموه ، ثم حذف الهاء.
(٢) سورة الإسراء : آية ٨٦.
(٣) سورة آل عمران : آية ٨١.
(٤) سورة يس : آية ٣٢.
(٥) سورة تبارك : آية ٢٠.
(٦) سورة هود : آية ١١١.
(٧) وهي قراءة ابن عامر وحفص وحمزة وأبي جعفر ، بتشديد إنّ ولمّا.
(٨) أي : إنّ أصل «لما» : لمن ما ، على أنها «من» الجارة دخلت على ما الموصولة أو الموصوفة.