وقال جابر بن عبد الله (١) : الصراط المستقيم هو القرآن.
فعلى هذا القول كأنّه قال : اهدنا إلى حلاله وحرامه ، وبيان ما فيه.
فإن سلكنا هذه الطريق فلا يلزمنا هذا السؤال.
ـ وقد قيل : معنى الآية معنى آخر. وهو أنّ معناها : اهدنا لزوم الصراط المستقيم ، أو حفظ الصراط المستقيم. كأنّه حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه.
وهذا شائع مستفيض في لغة العرب ، وهو غاية البلاغة في الإيجاز ، كقوله تعالى : (وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ) (٢) المعنى : حبّ العجل.
وكقوله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ) (٣) ، وهو الراعي.
وكقوله تعالى : (وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ) (٤) ، يعني : ولكنّ البرّ برّ من آمن بالله.
__________________
ـ قال الأعمش : كان ابن عباس إذا رأيته قلت أجمل الناس ، فإذا تكلم قلت : أفصح الناس ، فإذا حدّث قلت : أعلم الناس. توفي بالطائف سنة ٦٨ ه.
(١) يكنى أبا عبد الله ، أحد المكثرين عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم. روى عنه جماعة من الصحابة ، وغزا مع رسول الله (١٩) غزوة ، ولم يشهد بدرا ولا أحدا ، وكان له حلقة في المسجد النبوي يؤخذ عنه العلم ، وأصيب بصره في آخر عمره ، وهو آخر الصحابة موتا في المدينة. توفي سنة ٧٨ ه.
(٢) سورة البقرة : آية ٩٣.
(٣) سورة البقرة : آية ١٧١.
والمعنى : مثل الذين كفروا كمثل البهائم التي لا تفقه ما يقول الراعي أكثر من الصوت.
راجع معاني القرآن للفراء ١ / ٩٩.
(٤) سورة البقرة : آية ١٧٧.