فطوبى لمن جعل القرآن مصباح قلبه ، ومفتاح لبّه.
وإنّما يفهم بعض معانيه ، ويطّلع على أسراره ومبانيه ، من قوي نظره ، واتّسع مجاله في الفكر وتدبّره ، وامتدّ باعه ، ورقّت طباعه ، وامتدّ في فنون الأدب ، وأحاط بلغة العرب.
قال الله تعالى : (قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (١).
وقال أيضا : (حم* تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (٢).
وقال عزّ من قائل : (وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (٣).
وقال جلّ وعزّ : (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) (٤).
ـ قال أبو حيّان : فالكتاب (٥) هو المرقاة إلى فهم الكتاب (٦) ، إذ هو المطلع على علم الإعراب ، والمبدي من معالمه ما درس ، والمنطق من لسانه ما خرس ، والمحيي من رفاته ما رمس ، والرادّ من نظائره ما طمس.
فجدير لمن تاقت نفسه إلى علم التفسير ، وترقّت إلى التحقيق فيه والتحرير ، أن يعتكف على كتاب سيبويه ، فهو في هذا الفنّ المعوّل عليه ، والمستند في حلّ المشكلات إليه.
ـ وقال أبو الحسن الحرالي : لله تعالى مواهب ، جعلها أصولا للمكاسب.
__________________
(١) سورة الزمر : آية ٢٨.
(٢) سورة فصلت : آيتان ١ ـ ٢.
(٣) سورة طه : آية ١١٣.
(٤) سورة الشعراء : آية ١٩٥.
(٥) المراد به كتاب سيبويه في علم العربية.
(٦) أي : القرآن.