باب
إدخال «لا» في الكلام إمّا صلة وإمّا عطفا
ـ فإن سئل عن قوله تعالى : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) (١) ، لأيّ معنى أدخل «لا» في قوله تعالى : (وَلَا الضَّالِّينَ؟.)
أليس لو قال : غير المغضوب عليهم والضالين كان كلاما تاما مفيدا للمعنى؟ كما تقول : ما في القوم غير زيد وعمرو؟
ـ قال الشيخ الإمام رضي الله عنه : ههنا مقدمات نحتاج إلى بيانها أولا ، ثم نجيب عن السؤال إن شاء الله تعالى.
اعلم أنّ قوله تعالى : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) يقرأ بقراءتين ، «غير» مخفوضة ومنصوبة (٢). وإنّها تستعمل في كلام العرب لأحد ثلاثة أوجه :
أحدها : أن تكون بمعنى سوى.
والثاني : بمعنى لا.
والثالث : بمعنى الاستثناء.
مثاله : مررت برجل غير زيد. أي : سوى زيد.
__________________
(١) سورة الفاتحة : آية ٧.
(٢) قراءة «غير» بالخفض هي قراءة جميع القراء ، وأما (غير) بالنصب فرواها الخليل عن عبد الله بن كثير وهي قراءة شاذة. وقال الأخفش : هو نصب على الاستثناء ، وإن شئت على الحال. راجع إعراب القرآن للنحاس ١ / ١٢٥.