وأمّا بمعنى «لا» فمثاله : مررت برجل غير عاقل ، أي : لا عاقل.
ثم الفرق بينهما أنك إذا عنيت ب (غير) سوى ، أثبتّ المرور بالرجل ونفيته عن زيد مبهما ، وما أثبتّ المرور به قطعا.
وأما قولك : مررت برجل غير عاقل ، فعنيت بغير «لا» أثبتّ المرور به ونفيت العقل عنه قطعا ، وفي الأول لا يتعلق ما بعد غير بما قبله ، وفي الثاني يتعلق ما بعده بما قبله.
ـ والثالث : غير بمعنى «إلا» وهو استثناء البعض من الكل ، كقولك :
ما في القوم رجل غير زيد ، فإن قلت : كيف يجوز اقتضاء «غير» معنى «سوى» أو معنى «لا» و «سوى» ظرف و «لا» حرف و «غير» صفة؟
الجواب عنه :
قلنا : نعم ، لكن في «سوى» مع كونه ظرفا معنى النفي ، وفي «لا» مع كونه حرفا معنى حقيقة النفي أيضا ، وفي «غير» مع كونه صفة معنى النفي أيضا ، فانتسبن في النفي ، فقامت كل واحدة منها مقام صاحبتها.
ـ واعلم أنّ «غيرا» فيها معنى الاسم ومعنى الحرف ؛ لأنّ لحلول الإعراب فيه معنى الاسم ، ولأنّها تعمل في الاسم الذي يأتي بعدها كسرا ففيها معنى الحرف.
وقيل : إنّ إعراب «غير» في نفسها.
ومن عجيب حكمها أنّ لها من الخصوصية ما ليس لشيء من الحروف ، وذلك أنّها تكسر ما بعدها من الاسم وتتحمل إعرابه ، كقولك : جاءني زيد رجل غير عاقل ، ورأيت رجلا غير عاقل ، ومررت برجل غير عاقل.
وقيل : إنّ ما بعد «غير» إنما يكون مجرورا بإضافة «غير» إليه ؛ لأنها من الأسماء الملازمة للإضافة. الآن جئنا إلى الآية فنقول :