قوله : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ :)
البصريون يجوّزون في «غير» الجرّ من وجهين ، والنصب من وجهين ؛ فأحد وجهي الجر على الصفة ، فتقديره : الذين غير المغضوب عليهم ، كأنّه صفة الذين لا صفة المضمر الذي في عليهم ؛ لأنه معرفة ، و «غير» نكرة ، ولا توصف المعرفة بالنكرة.
وأما الذين نكرة ، و «غير» نكرة ، ووصف النكرة بالنكرة جائز ، وذلك لأنّ الشرط في جواز وصف الشيء سبع أشياء : أولها : أن يوافقه في التنكير ، والتعريف ، والتذكير والتأنيث ، والوحدان ، والتثنية ، والجمع.
فالذين ههنا في قول بعض النحويين نكرة ، ووصف النكرة بالنكرة جائز (١).
ـ وقال بعض النحويين (٢) : الذين ليس بنكرة ، بل هو معرفة ، إلا أنه ليس بمعرفة مقصودة معرفته ؛ لأن المعرفة على ضربين : أحدها : هي المقصودة المعهودة كقولك : الله هو الخالق البارىء المصور ، ولا يجوز أن يوصف بالنكرة. والضرب الثاني : أن يكون تعريف الجنس لا المعهود ، وذلك مما لا يتمحض فيه التعريف ، مثاله قوله : أهلك الناس الدرهم ، ومثله : الرجل ، فهذا يجوز أن يوصف بنكرة ، كما يقال : مررت بالرجل غير زيد ، وكذلك ما نحن فيه. والله أعلم.
والوجه الثاني : هو مجرور على البدل ، فتقديره : اهدنا لصراط غير المغضوب عليهم.
__________________
(١) لأن الذين معرّف جنسي ، والمعرّف الجنسي قريب من النكرة ؛ لأنّ تعريفه بالصلة فهو عام. راجع مغني اللبيب ص ٢١٥.
(٢) هو قول غالب النحاة ؛ لأنّ الأسماء الموصولة من المعارف.